التقييم آخر الاجتماع

بقلم فريق التكوين - جماعة الحياة المسيحية - فرنسا

 

"حقاً، إن الربّ في هذا المكان، وأنا لم أعلم" (تك 28/16)

لماذا نُقيّم؟

إنه آخر فقرة في الاجتماع، وتظهر عقبات كثيرة تعترض إنجازه كما أننا أحياناً نقوم به بشكل متعجل ودون اتقان إما لأننا عادة ما نتخطى الزمن المقرر للاجتماع أو يغلب علينا التعب ونفقد التركيز وتبقى الرغبة الوحيدة هي أن نذهب للنوم. وحتى لو لم يتم الاجتماع في المساء، تظل لدينا الرغبة في الذهاب في أسرع وقت.

لكن التقييم جزء من اجتماع الرفاق مثله مثل الفقرات التي تسبقه، ويشبه عدم القيام به بناء بيت دون سقف. ودور المنشط والمرافق التنبيه على التقييم والتمسك به. لأنه حتى إن تجاوزنا التعب، فالتجربة أعمق بسبب المتطلبات التي تكمن وراءها.

بالنسبة للمبتدئين، التقييم صعب لأكثر من سبب:

- لأن وقت الاجتماع مكثف وغني. يشعر كل شخص بأحاسيس عديدة في مجالات مختلفة: عاطفية ونفسية وروحية وفكرية. كيف أسمي كل هذه الأحاسيس وأكتشفها؟

- تأتي الصعوبة أيضاً بسبب قصر الوقت، فالمطلوب – في دقائق معدودة – هو استخلاص من كل هذا الوقت المعاش للتو ما الذي خرجت به لتقديمه لذاتي وللآخرين ولله: وقد يُرهب ذلك البعض.

 - أن أتجرأ بتحديد ما يبدو مهماً الآن دون التأكد من أنه قد تظهر مع الوقت ثمار أخرى. هذا ما قد يقود أحياناً لتأجيل التقييم لبداية الاجتماع التالي.

 - بالطبع إعادة قراءة لاحقة ستأتي بثمار لكنها لا يمكن أن تحل محل التقييم الذي يختم اجتماعاتنا – فغير كونه فترة شكر – هو أيضاً فترة تسامح أو اعتراف أنني ما زلت غاضباً أو مجروحاً أو يائساً.

 - حتى لو كان التقييم قصيراً أو متأخّراً، فلنقم به. إنه وسيلة للدخول في إعادة قراءتي الشخصية ووضع أساسات التكيف في الجماعة. 

كثيراً ما نجد صعوبة في أن نقيّم، لأن الحياة الروحية جهاد. ولا يجب أن نتخلى عن هذا الجهاد الروحي. حتى وإن لم نعبر عنه، فهو حاضر. لنعتبره فرصة للنمو وتجربة خلاص. 

كيف نقوم بالتقييم؟

دقائق من الصمت (أقل من 5 دقائق): لأستجمع حواسي وأفكاري وأجني ثمار هذه الساعات التي قضيناها معاً. أختار ما أقوله حتى لو كنت متأثراً جداً.

. أقل من 5 دقائق:

للمشاركة بكلمة مختصرة حرة من خلال كلمة أو صلاة...

للإصغاء لكلمة الآخرين...

يشارك المرافق آخر الأمر لأن تقييمه مرتبط بدوره المحدد. يقول ما يسمعه ويلمسه من الجماعة ككل.

. أنواع الأسئلة المطروحة سواء لي أو للجماعة:

-   كيف كان هذا الاجتماع هبة من الله؟

-   ما هي المشاعر والحركات الداخلية التي شعرت بها؟ ما الشيء الذي يعطي دفعة وما هي المقاومات في داخلنا؟

-   ونكمل – ما هي الوسائل التي علينا أن نستخدمها؟ ما هو الاستعداد الداخلي لننميه؟ ما هي النعمة التي نطلبها؟

التقييم هو المقياس بين ما كنا نسعى إليه والغرض من الاجتماع ورغبتنا في بناء الجماعة من جهة وما وصلنا إليه وما فعلناه وما الذي تحرك فينا وكيف لمسنا حضور الله من جهة أخرى.

عادة ما نقول في البداية مثلاً:

. "أشكر الله على هذا الاجتماع، على وقت الصلاة، على المشاركة، على هذه الكلمة بالذات"،

. "أشكر الله على الاستنارة التي حصلت عليها، على نداء سمعته، على تأكيد في أمر ما حصلت عليه، على توبة"،

. "لم أكن أنوي المجيء، كنت حزيناً لكني الآن سعيد لأنني أجبرت نفسي على المجيء ولكنني أعود بالرجاء".

توضح هذه التعبيرات كيف يسمح التقييم بزيادة الوعي بما قيل أثناء الاجتماع، بما أصبح أكثر وضوحاً وبما أكتُسِب من هدوء أو سلام. هذه ثمار جيدة والاعتراف بها أمام باقي الأعضاء يبني الجماعة. يشكر كل واحد على النِعم التي حصل عليها ويمكنه تذكرها فيما بعد عندما يعيد قراءة حياته كتاريخ مقدس. 

نحن نفضّل ذكر الإيجابيات: إنها المرحلة الأولى الضرورية لمراجعة الاجتماع وبعدها يمكننا المضي إلى أبعد من ذلك. فنعبر مثلاً:

أننا لسنا جميعاً في حالة شكر مستديمة، يظل أحياناً في القلوب آثار لشيء لم يُشفَ بعد، لتوتر، لانقباض...

كيف يمكننا أن نشجع في إيمان وثقة على التعبير عما كان مؤلماً؟

كيف يمكننا الرجوع للأوقات الصعبة من الاجتماع: مثلاً وقت مناقشة حادة، وقت دموع، وقت عدم ميل إلى الصلاة.. 

نتعلم تدريجياً، من خلال التقييم، أن ندمج كل شيء داخل مسيرتنا مع المسيح: المفرح والمؤلم، الإخفاقات والنجاحات.

لتجنب الوقوع في التسطيح

عندما تتكرر، من اجتماع إلى آخر، العبارات نفسها، علينا أن نتساءل، هل هذا من مؤشرات الروتين، هل أصبح التقييم شيئاً معتاداً؟ في هذه الحالة، علينا الخروج مما هو معتاد وإن كان صحيحاً من الناحية الروحية. فهناك دائماً دعوة للتعبير بكلمة شخصية، كلمة جديدة، فذلك من شأنه أن يساعدنا على تعلم المراجعة (إعادة القراءة).

ولأن التمرينين، التقييم وإعادة القراءة، هما من نفس العائلة، فالتدريب على الأول يمهد لممارسة الآخر.

نحاول تنويع أسلوب التقييم وتوجيهه بما يتماشى مع ما يعيشه الفريق (الجماعة)، مثلاً فيما يتعلق بـ:

- الإصغاء، التكلم أم الصمت.

- الثقة المتبادلة، الدور الثاني من المشاركة.

- خطوة حققناها أو علينا أن نحققها من أجل النمو.

- الرسالة على خطى المسيح.

- علاقاتنا الشخصية أو علاقة الفريق مع الجماعة الإقليمية والوطنية، ومع المبادئ العامة وأهداف الرفاق. 

سواء كنا منشطين أو مرافقين، علينا أن نرتكز على التقييم في نهاية كل اجتماع لإعادة قراءة مسيرة الجماعة. إنها علامات على طريق مرافقة الواحد للآخر والدعوة للرسالة.

إن عيش وقت التقييم بعمق أكبر سيعود على جميع لقاءاتنا بفائدة كبيرة: 

سواء لقاءات اللجان المحلية، المجلس التنفيذي، لجان الخدمة والتكوين أو لقاءات ورش العمل...

لنتذكر كلمات الأب باتريك اوسليـﭬان، المساعد الكنسي العالمي الأسبق، في Progressio   (العدد 2، سنة 1993)

"إن التقييم هو الذي يخلق الجماعة، إنه يدخلنا في هوية رفاق الكرمة".